حتى المعلمات مشكوك بهن!!

من طرف **Nsin@com** الأربعاء يونيو 03, 2009 12:46 pm

ضوء صحفي

حتى المعلمات مشكوك بهن!!.

ممدوح المهيني[size=

24]

يمكن أن نبدو طبيعيين قليلاً ومقبولين مع عادات ثقافية سيئة مثل عدم الدقة بنقل المعلومات والتفاخر الشخصي والسلبية وكراهية الالتزام و السهر وعدم التواصل مع الأطفال، ولكن الشيء الذي لا يمكن أن يكون مقبولاً والذي يجب علينا تغييره في ثقافتنا هو الشك الأخلاقي في الآخرين. الشك في أن الآخرين يميلون للانحراف الأخلاقي، ومستعدون للانزلاق في الرذائل، وبحاجة دائما إلى القيود والمراقبة والفصل حتى يتم كبح انفلاتهم.
هذا ما يمكن أن نشاهده في حياتنا بشكل مستمر وعلى ضوئه تحدد قوانيننا الاجتماعية. حتى لو يتم التصريح بذلك فإن قانون الفصل الاجتماعي السائد داخل العائلات بين الرجال والنساء قائم على هذه القيمة المريضة. الشك بأخلاقيات الآخرين رجالاً ونساءً من أن يقعوا في المحاذير هي التي تفرض مثل هذه القوانين غير الطبيعية.
هذا الأمر يمتد بشكل أكثر هوساً ليتصل داخل البيت الواحد حيث يتم تشويه مشاعر الأخوة النبيلة ناحية القريبات زوجات الأخوة وحتى الجيران إلى مشاعر متبادلة من الريبة والحذر والشك بأن التواصل بينهما سيؤدي إلى الوقوع في المشكلات الأخلاقية(أحد الأصدقاء يقول ساخراً إنه لا يعرف صوت زوجة شقيقه على الرغم من زواجهم الذي دام أكثر من 20 عاماً). لو لم يكن الشك الأخلاقي الذين يقول إن الآخرين ينزعون للانفلات والوقوع في المحظورات فلن نطبق مثل هذه القوانين الاجتماعية غير المقبولة.
هذا الشك أيضا يقف خلف قوانين إدارية مثلما يحدث في الفصل بالأسواق والحدائق حيث يتم الفصل بناءً على الارتياب بأخلاقيات الناس، وعدم الثقة بسلوكهم، حتى لو أدى ذلك إلى خسائر مالية واجتماعية كبيرة (لهذا السبب تشعر عائلات سعودية كثيرة والأفراد بالمتعة في المتنزهات والمجمعات في الخارج بدون أن يتم قسمهم إلى نصفين أو حتى يتم منعهم من الدخول). هذه الفكرة أيضا قابعة خلف القوانين التي تمنع مثلاً فتيات الجامعة من الخروج والدخول متى ما أردن، بسبب العقلية التي يسيطر عليها الشك الأخلاقي القائلة بأن السماح للفتيات بالدخول والخروج كما يردن يعني أنه سيدفعهن للانفلات. منع الفتيات هذا غير قائم على نظام إداري يهدف إلى الانضباط يجب أن يحترم كما يمكن أن نراه في المدارس، ولكنه قائم على فكرة الارتيابية ذاتها. ولكن هذا الأمر تطور أكثر، كما هو متوقع، ليطال حتى المعلمات في المدارس التي تقول أنباء مؤخراً أن بعض المدارس بدأت بمنعهن من الخروج من المدرسة إلا بورقة من ولي أمرها (جريدة الحياة).
غالبية المعلمات، وليس كلهن بالطبع، هم من روج لأفكار الشك الأخلاقي في عقول الطالبات أنفسهن، وهن يتعرضن الآن لذات الأمر ورغم كل الدور السلبي الذي قمن به، إلا أنه من المؤسف أن صورة المعلمة التي تمثل في ذاكرة الجميع صورة القدوة تتعرض لمثل هذا التشويه والتشكيك الفج. ولكن هذا أيضا يعكس الفكرة المتطرفة والمهووسة وغير العقلانية للشك التي يمكن أن تتوسع وتطال كل شيء تقريباً، وتجد دائماً من لا يراها مراعية للأخلاق القويمة. هذا ما يمكن أن نراه أيضا بالهوس في زي المرأة، فعلى الرغم من تغطيتها بالكامل إلا أن هناك من رأى أن ذلك غير كاف، فتم تغطية اليدين والقدمين، ولكن هناك من رأى ذلك غير كاف، فتم تصغير فتحة العينين، ولكن هناك من رأي ذلك غير كاف، فاقترح أن تكون فتحة واحدة، ولكن هناك من رآه غير كاف، فطالب أن يتم التغطية بالكامل، ولكن هناك من رأى ذلك غير كاف، فطالب بأن لا تخرج المرأة من البيت أبداً!!.
فكرة الشك تدمر العلاقات الاجتماعية عندما تشرذم اللقاءات العائلية وتشحنها بالريبة والحذر الذي من شأنه أن يهدم أي جو أسري سعيد وحقيقي، ومن شأنه أن ينزع الاحترام من قلب الطالبات للنظام الذي يعاملهن كسجينات مشبوهات في الوقت الذي تدخل وتخرج فيه الطالبات في الخليج (حتى لا نبتعد) بدون أن يسألهن أحد أو يشكك في أخلاقهن،ومن شأنه أن يشعر الشبان الذين يمنعون من الدخول إلى الأسواق بالإهانة وقلة الاحترام التي لا يجدونها في مكان آخر. ولكن الأسوأ من ذلك هو ما تفعله فكرة الشك أنها تقنع الشخص الذي تسيطر عليه بأنه فعلاً غير جدير بالثقة، وأن سجنه داخل جامعه أو إبعاده من سوق، أو فصله عن قريبته، حتى لو بلغت ال70 من العمر،هو تصرف صائب وصحيح، ويحميه من نفسه المنحرفة.
قيمة الشك ملوثة من الدرجة الأولى لأنها تلطخ النوايا والأخلاقيات العميقة وهي تنتشر وتصيب الجميع لأنها يمكن أن تلتصق بأي أحد. ولكن طردها وإزالتها من ثقافتها يكمن في أكثر من طريقة. التفكير في ماضينا الخاص الذي يؤكد على أن تاريخنا شهد مراحل طويلة من العلاقات والتصرفات الإنسانية الخالية من هذه النزعات الشكية المتطرفة، حيث كانت العلاقات مثلاً بين الرجال والنساء، وهذا ما يحدث لحد الآن في بعض القرى والهجر، قائمة على الثقة والاحترام والنبل ولم تتحول هذه ولم نرَ أي انحرافات أخلاقية في ماضينا. ويمكن إزالتها بعقد مقارنة مع المجتمعات الأخرى العربية والأجنبية التي تنبذ فكرة الشك وتعيش في جو يسوده الحب والثقة المتبادلة. بالإضافة إلى هذه المقارنات القديمة والجديدة يمكن إزالتها بالتفكير العقلاني الذي يحترم الآخرين رجالاً ونساءً، ولا يرى فيهم مجرد كائنات شهوانية معرضة للانحراف.
هناك طرق كثيرة أيضا لنبذ هذه الفكرة المريضة التي حولتنا جميعاً إلى مشبوهين وشوهت حياتنا ولطخت طبيعتنا، بالرغم من تغلغلها إلا أنها هشة ويمكن أن تطرد بسهولة. المهم أن نبدأ بطردها

[/size].